جذب السكان .. للحي الجديد

وقامت الشركة البلجيكية بحملة دعاية ضخمة لجذب السكان للسكني في الحي الجديد . قامت الحملة على أساس صحی ومالی ؛ فالمنطقة جافة، مرتفعة .. فالهواء نقي .. والإيجار منخفض . وكانت سرعة إنشاء خط الترام الأبيض – المترو – من وسط القاهرة عند شارع عماد الدين وكوبري الليمون عاملا مشجعا للناس على السكن هناك ؛ إذ تم تشغيل خط المترو هذا عام 1906م ، وكان ثمن تذكرة الدرجة الأولى 10 مليمات ، والدرجة الثانية 7 مليمات . ونشرت الشركة إعلانا بالصحف في سبتمبر ۱۹۰۹م يقول : واحة عين شمس – هليوبوليس – للإيجار بجوار الجامع الجديد والترامواي الذي سينشأ قريبا .. والبيوت تقام على الطراز التركي . والشقق من 3 غرف أو 4 وفسحة .. وفرن .. والإيجار يتراوح بين 60 قرشا – و140قرشا .

وتوسعت الشركة في تقديم الخدمات ؛ فأقامت میدانا لسباق الخيل ظل قائما نشطا حتى منتصف الستينيات من القرن العشرين ، وأقامت ناديا رياضيا هو نادی هليوبوليس، زودته بملاعب الجولف التي وضع تصميمها مهندس وخبير إنجليزي .. وكانت الشركة تؤمن الإنارة العامة والخاصة ، وكانت توفر لها ما بين ۵۰۰۰ و ۲۰ ألف متر مكعب يوميا من مياه الشرب ، بل كانت هذه الكمية كافية أيضا لرى الحدائق الخاصة، والعامة . وكانت الشركة البلجيكية قد فرشت فوق الأرض الرملية الصحراوية طبقة من طمى النيل ، تم نقلها فوق ظهور الجمال ثم بسيارات النقل . وكانت الشركة مسئولة عن تنظيف الحي الجديد بالكامل ، بل وجمع القمامة من البيوت و العمارات وكانت تخصص فرقا لمقاومة الناموس !! وأقامت الشركة أماكن للعبادة .. فأقامت كنيسة البازيليك التي دفن فيها البارون إمبان الذي توفي في بلده بلجیکا یوم ۲۲ يوليو عام ۱۹۲۹م ، وتم دفنه بهذه الكنيسة التي حملت أيضا اسم الكنيسة اللاتينية بناء على وصيته قبل يوم الاثنين ۲۹ يوليو ۱۹۲۹م.

وفي يوم 4 يونيه ۱۹۱۱م ، افتتح الأمير حسين كامل باشا مسجد مصر الجديدة الذي أسسته الشركة ، وحضر الاحتفال مع سموه وزيرا المعارف والأشغال وقاضی القضاة والمفتي وشيخ الأزهر ، وألقى بوغوص باشا نوبار كلمة الشركة باللغة الفرنسية . کما تم بناء مدرسة الفرير عام 1910م التي تعتبر بذلك أول مدرسة تقام بالضاحية ، وهي بميدان صلاح الدين الآن . وتحتفظ المدرسة – حتى الآن – في مدخلها بصورة لها وقت افتتاحها وسط الصحراء . ولم يكن بجوارها إلا كاتدرائية اللاتين “كنيسة البازيليك “. 

أيضا أقامت الشركة أول مدينة للملاهي ، هي اللونابارك أي حديقة القمر ، وكانت محل سینما روکسي الآن ، أي في مدخل الضاحية !! وبها عديد من الألعاب ، وكان هذا أمرا جديدا على المدن المصرية كلها . وكان الهدف هو جذب سكان القاهرة نفسها ، وأيضا من كل أنحاء مصر لزيارة الحى الجديد أو الضاحية الجديدة للنزهة والمتعة ، فكانت خير إعلان للضاحية .

••وبذلك زاد الإقبال على السكن في مصر الجديدة ، التي ظلت تحمل اسم هليوبوليس إلى أواخر الستينيات .. وفي عام ۱۹۳۰م بلغت المساحة المبنية 3 ملايين متر مربع . وبلغ عدد السكان عام ۱۹۳۰م حوالى ۲۸۵44 شخصا ثم 50 ألف شخص عام 1947م . ونقل المترو والترام عام ۱۹۲5م أكثر من 10 ملايين راكب . لقد كانت مصر الجديدة نموذجا رائعة للتعمير والبناء في الصحراء ، وبعيدا عن الأراضي الزراعية غربي النيل ..