فندق أصبح مقرا رسميا للحكم
وأبرز المباني أو المنشآت في حي مصر الجديدة .. فندق هليوبوليس بالاس .. وبنى ليكون فندقا ضخما يواكب الحركة السياحية الجديدة ، التي بدأت تحضر لمصر ، وتشجيعا على الإقامة في الحي الجديد .. وبدأ بناء الفندق عام 1908م واستمر البناء حتى عام 1910م ، وهو من تصميم المهندس البلجيكي إرنست جاسبار ، الذي صمم الحي الجديد نفسه ، مصر الجديدة ، وتولت تنفيذه وإقامته شركة ليون رولين “رولان” وشركاه ، وشركة رينتا مارو وفير . وهما من أكبر شركات المقاولات في مصر . وقام بأعمال الشبكات الكهربائية شركة سيمنز شو برت – برلين الألمانية . وتعتبر القبة من أبرز معالم الفندق ، وهي ترتفع 55 مترا فوق قاعة الاستقبال التي تبلغ مساحتها 589 مترا مربعا ، وصمم هذه القبة ألكسندر مارسيل ، وزينها المهندس جورج لوی کلور وهما مهندسان فرنسيان . أما نجف الفندق فقد صمم ونفذ على الطراز العربي في دمشق . وغطت السجاجيد الشرقية أرضية الفندق بالكامل. أما السقف فهو يرتفع فوق ۲۲ عمودا ترفع الردهة الرئيسية . أما أثاثات الفندق فقد تم استيرادها بالكامل من لندن ، بعد أن صنعت من خشب الماهوجني النادر ، وزینت صالات الفندق الرئيسية ، خصوصا القاعات الكبرى ، بالمرايا من الأرض إلى السقف .
وفي الأول من ديسمبر عام 1910م ، تم افتتاح الفندق وبه 400 غرفة مع 55 شقة فاخرة لكبار الزوار . وكان أول مدير له هو الهر دور هوفر « الألماني » وكان مسیو بیدار هو مدير الأغذية و المشروبات . أما رئيس الطهاة فكان الشيف جوین، وجاءوا جميعا من مطعم بایار الشهير في باريس . والفندق الذي كان يملكه مسيو مارکت ، كانت قاعاته لاتقل روعة عن قاعات القصور الملكية مثل عابدين والطاهرة والقبة ورأس التين . وكانت أشهر هذه القاعات : قاعة لويس 14 وقاعة لويس 15 . وبسبب كبر مساحته وامتداد غرفه تم إنشاء خطوط للسكة الحديد الصغيرة لتوفير الخدمات ، وتربط بين المطابخ و المخازن ۔ والثلاجات والمكاتب . ••وعندما نشبت الحرب العالمية الأولى ، استولت القوات الإنجليزية على هذا الفندق الكبير الذي كان أكبر فندق في أفريقيا والشرق ليتحول إلى مستشفى لعلاج مصابي الحرب بسبب تعدد غرفه وکمال منشآته [ 400 غرفة + المطابخ ] ، كما استولت القوات نفسها على المدرسة السعيدية بالجيزة للغرض نفسه . وبانتهاء هذه الحرب الأولى ، عاد الفندق إلى مهمته الأولى ، وأصبح ملتقى للمشاهير وكبار الزوار . وكانت تقام فيه الحفلات والأفراح والمؤتمرات . واختارته شركات الطيران ليقيم فيه الطيارون وأطقم الضيافة بسبب قربه من مطار ألماظة .. ولأنه كان غير بعيد عن مضمار سباق الخيل في نادي هليوبوليس ، فقد كان محط أنظار علية القوم من الأجانب المقيمين في مصر وأغنياء مصر .
••ولكن بعد أن أقيم عديد من الفنادق العصرية على شاطىء النيل مثل سميراميس ” القديم “، ثم شبرد ثم هیلتون النيل ، تحول السياح عن فندق هليوبوليس بالاس في مصر الجديدة ، فأهمل هذا الفندق العريق ، وظل مهجورا إلى أن تم تحويله إلى مقر للحكومة المركزية عقب إعلان الوحدة بين مصر وسوريا عام 1958م . وفي الستينيات تحول إلى مكاتب حكومية توارثتها جهات عدة مثل اتحاد الدول العربية ، وحمل اسم : الحكومة الاتحادية .. .وعاد الإهمال يلف المبني الكبير بغرفه وقاعاته إلى أن اختير في بداية الثمانينيات ليصبح مقرا رسميا للحكم في مصر ؛ بسبب قربه من مقر إقامة رئيس جمهورية مصر الرئيس الرابع محمد حسني مبارك . وبدأ إعداد الفندق ليلائم المهام الجديدة المسندة إليه ، كمقر رسمي لرئاسة الجمهورية . وتم تجديده بالكامل وطلاؤه باللون الأصفر ، فأصبح يعرف عند العامة « بالقصر الأصفر». وعادت الحياة إلى قاعاته وغرفه ، التي شهدت الكثير من المؤتمرات الاقتصادية والسياسية مثل مؤتمر الكوميسا عام ۲۰۰۱م ، وفي قاعته الرئيسية كرم الرئيس مبارك الدكتور أحمد زويل بمناسبة فوزه بجائزة نوبل للعلوم .
وهكذا عادت الأضواء والكاميرات إلى الفندق ، بعد مرور 90 عاما على إنشائه . وعادت الحياه لتدب ليس فقط في الفندق الكبير ، بل في كل المنطقة المحيطة به ..