Site logo

الأرشيف

قصر البارون – مصر الجديدة

 

قصر هندى .. أبرز المباني

••ولكن ما حكاية قصر البارون الذي يعتبر رمزا لحي أو لضاحية مصر الجديدة ؟

الحكاية تعود إلى قصر صممه مهندس معماری عبقری فرنسي ، هو مسيو مارسیل، وعرضه هذا المهندس المعماري في معرض عالمي للعمارة أقيم في باريس
عام 1905م . وشاهد البارون البلجيكي إدوارد إمبان هذا المعرض ، وشاهد القصر ، فأعجب به واشتراه . وتم فك القصر ونقل إلى القاهرة حيث أعيدت إقامته في مصر الجديدة عام ۱۹۰۷م على ربوة عالية ؛ حتى يطل منه على كل الضاحية التي أقامها ، وظل يقيم فيه كلما زار مصر حتى توفي عام ۱۹۲۹م [ یوم ۲۲ يوليو .. والقصر مبني على الطراز الهندى . وشرفاته تحملها تماثيل على هيئة الأفيال . وفيه برج كان يتحرك فيدور دورة كاملة على قاعدة متحركة كل ساعة . وكان البارون إدوارد إمبان يجلس في الدور الأخير من هذا البرج ليشرب الشاي عند الغروب ويمتع ناظريه بالجمال الذي زرعه في هذه البقعة ، التي تبعد عن القاهرة بعشرة كيلو مترات ، وبالجو الجاف الذي تتمتع به المنطقة الصحراوية على أطراف واحة عين شمس القديمة .. و القصر – كان – يتوسط حديقة غناء رأيت بقاياها عام 1959م عندما أعددت تحقيقا صحفية عن القصر نشرته في مجلة آخر ساعة .

 

 

وذهبت الحديقة .. وإن بقى القصر ، وبقيت الأرض جرداء .. وبقى السور التاريخي .. وتداولته أيد عديدة إلى أن اشتراه أحد الأثرياء ، ولكن ثار نزاع حول ملكيته بين الحكومة المصرية التي كانت قد وضعت يديها على الضاحية وعلى خطوط الترام الأبيض [ مترو مصر الجديدة ] وعلى الشركة البلجيكية نفسها عندما أممت مصر ومصرت المؤسسات المالية الإنجليزية والفرنسية والبلجيكية في مصر .. ومازال القصر ينعی من بناه ولم يتحدد مصيره بعد .. وكان منشیء مصر الجديدة قد قام – ضمن ما قام – ببناء كنيسة البازيليك ، التي عرفت أحيانا باسم الكاتدرائية اللاتينية التي بنيت عام 1910م وتم دفنه فيها . وتم إطلاق اسم البارون على الشارع الذي يوصل بين القصر والكنيسة ، وظل الشارع محتفظا باسم البارون عليه إلى أن تم تغييره في خطوة خاطئة بلا سبب ، اللهم إلا لأن قرارا جاهلا صدر ولم يجد من يصححه !!

 

••وغير بعيد عن قصر البارون أقام بوغوص نوبار باشا – وهو شريك البارون في المشروع – قصرا فخما على الطراز العربي ، زينه بالخط العربي الكوفي من الداخل والخارج ، وأصبح مقرا بعد ذلك لإدارة التوجيه المعنوي للقوات المسلحة المصرية .. و بوغوص نوبار باشا هو ابن نوبار نوباریان ، الذي كان أول رئيس للوزراء في مصر في عصر الخديو إسماعيل ۲۸ أغسطس ۱۸۷۸ م . أما ابنه بوغوص فقد تدرج في المناصب إلى أن أصبح المدير الوطني للسكك الحديدية المصرية بين عامي ۱۸۷6 و ۱۸۷۹ م ثم مرة أخرى بين عامي ۱۸۹۱ و ۱۸۹۸م.

 

يوم وفاة البارون .. ويوم علمت مصر بوفاة البارون إدوارد إمبان ، خرجت صحيفة اللطائف المصورة يوم الاثنين ۲۹ يوليو ۱۹۲۹م في عددها رقم ۷۵5 للسنة الخامسة عشرة ، وكانت من أشهر الصحف الأسبوعية ، وعلى صدر صفحتها الأولى تنعي الفقيد الكبير . ولم يكن بكل الصفحة الأولى إلا خبران . الأول عزل المندوب السامي البريطاني لورد جورج لوید سابع المندوبين الساميين السابقين ، بصورة له بارتفاع الصفحة الأولى كلها ..
أما الخبر الثاني فكان عن “وفاة المرحوم البارون إمبان ” ونشرت صورة له وكتبت الصحيفة تحتها : المرحوم الجنرال البارون إدوارد إمبان مؤسس شركة هليوبوليس.. وقالت في الخبر : “انعت أنباء بروكسل يوم ۲۲ يوليو الجاري عظيما من العظماء العصاميين ، وماليا من كبار الماليين هو البارون إدوارد إمبان ، الذي كانت له في دور المال والأعمال في هذا القطر أياد بيضاء ، وخلف من مدينة هليوبوليس العظيمة ، التي ابتكرت مشروعها قريحته الوقادة وتعهد إنشاءها وتقدمها بجهوده الجبارة خير أثر يضمن لاسمه الخلود في صفحات تاریخ نهضة مصر العمرانية .

 

كان رحمه الله – تستمر اللطائف قائلة – مهندسا نابغا ، اشتغل في أول عهده بمشروعات بناء سكك الحديد ، ثم التراموايات الكهربائية . ثم انصرف إلى تأسيس الشركات ، ومباشرة الأعمال الكبرى وغيرها .. وجاء هذا القطر في سنة 1906م فأسس شركة ضاحية هليوبوليس وسكتها الكهربائية . واشترى بالاشتراك مع صاحب السعادة بوغوص باشا نوبار تلك الصحاري الجرداء من الحكومة بثمن بخس، وحولها في بضع عشرة سنة إلى مدينة عظيمة ، وحدائق غناء ، ومتنزهات جميلة، حتى أصبح ثمن المتر فيها اليوم يزيد على الثمن الذي اشترت به الشركة الفدان يوم تأسيسها . وقد كان لنعية رنة حزن في جميع أنحاء العاصمة ، وأقيم له جناز حافل في الكاتدرائية اللاتينية في هليوبوليس … رحمه الله وألهم نجله وسائر آله الصبر والعزاء “..

 

Comments

  • No comments yet.
  • Add a comment